أرشيف

النقيب : العمامة حلّت محل النظام والقانون واستبدلت  المدنية بالمشيخة والقبيلة

الشيخ / عبد الرب أبو بكر النقيب من مواليد 1935م منطقة يافع، شيخ مشائخ الموسطة نقيب يافع وأحد أبرز الشخصيات القبلية والاجتماعية التي تحظى بحب واحترام الجميع داخل البلد وخارجه والذي كان قد أعلن انضمامه إلى الحراك الجنوبي في العام الماضي، وهو ما باركه الرئيس علي سالم البيض شخصياً في إحدى لقاءاته التلفزيونية.. التقيناه وأجرينا معه هذا الحوار الصحفي الذي تناول في طياته قضايا عديدة ومختلفة.. فإلى حصيلة ما دار عبر صفحات "المستقلة"..

> الشيخ عبد الرب النقيب كيف كان تقبلكم لخبر مقتل الشاب فارس طماح في إحدى سجون السلطة؟

– أولاً دعني أرحب بك أخي الصحفي أحر الترحيب شاكراً زيارتك لنا لإجراء هذا الحوار معنا ومن ثم أقول نعم لقد حل خبر اغتيال الشاب / فارس طماح بذلك الأسلوب الوحشي العدائي الآثم كالصاعقة على قلوب كل الجنوبيين عامة وليس على أسرة الشهيد فقط، ترى ما الذي فعله ذلك الشاب حتى يتم إجهاض روحه بتلك الطريقة الرخيصة داخل إحدى الزنازين المغلقة بعتمة الظلام بعد مسلسل دام من العذاب الذي لحق به ولكننا ربما لم نكن نستبعد مثل هذا العمل الجبان طالما وأعمال القمع والسجن مستمرة منذ سنوات ضد المحافظات الجنوبية  الصابرة  وما حل في قرية المعجلة في محافظة أبين يعد أكبر دليل علىما نقول.

> ولكن روايات السلطة تفيد بأن المذكور قام بالاعتداء على العسكري بعد أن فتح له باب الزنزانة وأخذ مسدسه وصوب عليه طلقة في كتفه ومن ثم قام المذكور باغتيال نفسه؟

– هذه مسرحية هزلية يسخر العقل منها في واقع الحال فلقد تم فبركتها من قبل أجهزة أمن النظام لتغطية مسرح الجريمة.

> ما موقف أبناء يافع أولاً والحراك الجنوبي بصورة عامة تجاه تلك القضية؟

– موقف أبناء يافع هو موقف أبناء الجنوب الذين تسفك دماؤهم على أرض وطنهم الغالي.

> الشيخ عبد الرب النقيب بحكم نظرتكم الثاقبة ومن خلال معاصرتكم لمجمل الأحداث السابقة في التاريخ السياسي اليمني كيف تأتي قراءتكم للأوضاع العامة التي يعيشها الوطن حالياً؟

> ما يحدث الآن على الساحة هي الخطوات التصحيحية الأولى، فقد قامت ثورة سبتمبر على الإمامة ولم تكن بمستوى الإصلاح الشامل والكامل وبمستوى التضحيات التي قدمها الشعب، واستمر الحكم على نهج الإمامة بغض النظر عن المسميات مثل الديمقراطية ومجلس النواب والمجلس الاستشاري وغيره من المسميات الكثيرة .

 فقد كان إمام واحد أما الحاضر فيوجد أئمة كثيرون يمرحون ويسجنون وينهبون ويقتلون، أما في الجنوب فقد تحرر من بريطانيا وتغيرت الأمور  إلى الأسوأ ثم كل واحد منهم هرب برقبته وبعضهم ذهب إلى الوحدة وما دروا أنهم ذهبوا إلى ملك الموت الذي صنع كل ما دار بين الأخوة الجنوبيين كما أنهم لم يأخذوا رأي الجنوبيين بهذا الأمر المصيري لأن الجنوب كان يحكمه حزب واحد ولا صوت يعلو فوق صوته فالوحدة بنيت على أسس هشة وكل واحد له بها مأرب آخر ويتحمل نظام صنعاء 95 % منها أما الجنوبيين فقد استفادوا من كل التجارب المريرة والأليمة والخداع والمكر الذي أحاق بهم واشعل نيران الصراعات والتصفيات الجسدية بينهم حتى سقط الجنوب ودولته وهو ما خطط له الأخوة في سلطة الشمال ولكن الجنوبيين قاموا من نومهم وسباتهم. ومن كان يصدق أن التسامح والتصالح قد يقع بينهم ولكن وقع بسبب الظلم الذي باتوا يرزحون تحت وطأة خطوطه القاتلة ولقد وجه التصالح والتسامح أكبر صفعة للنظام الجاهل المتعجرف  وأنا الآن أكن كل تقديري واحترامي لرفاق الأمس بعد التصالح والتسامح والتضامن.

> في سياق الفوضى السائدة ترى هل ستدخل البلاد في دوامة عنف لا نهاية لها من خلال الفعل ورد الفعل بين ما يسمى بشمالي وجنوبي؟

– أخي العزيز نسأل الله أن يجنبنا شر الويلات والحروب والفتن فلقد دخلت أرض الشمال في دوامة العنف من خلال حرب الحوثي والسلطة ولا أتوقع بين الأخوة في الشمال والجنوب إلا المحبة والاحترام فهم أخواننا والهدف أن يزول الظلم عنهم وعنّا وأن يحكم الشمال قادة صالحون وكذلك الجنوب أيضاً، وأن تسود المحبة بين الجميع وحسن العلاقة  بيننا.

> منذ ما بعد انضمامكم إلى الحراك الجنوبي وإلى اللحظة هل تلقيت أي اتصال من قبل أي مسئول بمن فيهم الرئيس؟ وماذا عن علاقتكم بمحسن علي النقيب محافظ لحج؟

– نعم لقد كانت هناك وساطات كثيرة وعديدة من قبل السلطة وغيرها للتراجع عن الخطوة التي قمنا فيها ولكن قلنا لهم لقد فات الأوان وخصوصاً في ظل استمرار نظام صنعاء في تكريس نهج حرب 94 وما حدث من اغتصاب ونهب كل الأراضي والثروات الجنوبية وفرض الوحدة بالقوة وأنه لا يمكن فرض الوحدة بالقوة العسكرية في أي بلد كان ففي هذا السياق وفي الوقت الراهن وبعد سقوط مئات الشهداء ومئات الجرحى ومئات المعتقلين في السجون لا يمكن التراجع عن موقفنا إطلاقاً..

أما فيما يتعلق بالأخ محسن علي النقيب فهو ابن الجنوب الأصيل وخصوصاً عندما استدعى ياسر اليماني وأهانه على تصريحاته الكاذبة المدسوسة لقناة الجزيرة مباشرة بأنني في القاعدة وهذا كذب وافتراء ليس له أي أساس من الصحة بل نفذ اليماني ما طلبه منه أسياده في صنعاء في القصر الجمهوري والمخابرات بثمن بخس فأنا أنصح كل الجنوبيين في صنعاء وأعرف حق المعرفة التامة أنهم لا حول لهم ولا قوة بل يسحل النظام أصحابهم على حسابهم، فأهلاً بهم بين أخوانهم في الجنوب قبل فوات الأوان وخصوصاً ابن عمي ولحمي ودمي الأستاذ/ محسن علي النقيب وكل الشرفاء.

> ما مدى تواصلكم مع معارضة الخارج بمن فيهم علي سالم البيض؟

– نعم لقد تواصل معنا  وحثنا على التوحد وشكرنا على لملمة الصفوف.

> عندما قامت السلطة بتعيين مشائخ وعقال لكل القرى والمناطق الجنوبية بما فيها عدن صرخ كل المثقفين ورموز المجتمع المدني بأن ذلك يعني طمساً للهوية المدنية في المحافظات الجنوبية هنا هل هوية الشعب الجنوبي مدنية أم قبلية؟

– أنا اتفق مع رأيك لأن السلطة قد صرفت بطائق مشيخة في يافع لستمائة شيخ وهذه هي الفتنة بعينها فهم يتبعون سياسة فرق تسد.. أما بخصوص القبيلة والمدنية فكل أبناء الجنوب ينتمون إلى قبائل ولكنهم التزموا المدنية في ظل وجود النظام والقانون إلا أن نظام صنعاء يحاول غرس القبيلة داخل مدن الجنوب أسوة بنظامهم الفاسد.

> ألا ترى أن تبني الشيخ موقفا سياسيا قد يضعف مكانته القبلية لأن هناك ربما من يختلف معه سياسياً من أوساط القبيلة؟

– بالعكس التمسك بالقبيلة والعرف القبلي النبيل والحكمة هي بحد ذاتها سياسية.

> يقال بأنه في الاجتماع الأخير لقيادة ما تسمونه مجلس الثورة في منزلكم قد قمت برمي عمامتك فوق الحاضرين لتفادي بعض الخلاف الذي ساد بينهم ومثل هذا ما أثار تخوف البعض يعني بأن يكون مؤشر لمستقبل جنوبي تحل فيه عمامة الشيخ محل اللوائح والنظم والقانون.. ما ردك؟

– لقد حلت العمامة حالياً محل النظام والقانون الذي هُمش من قبل نظام صنعاء ولكن في المستقبل لن  يكون أي دور لأي عمامة مستقبلاً إن شاء الله.

> ما هو موقفكم من الذين يطالبون أعضاء الحزب الاشتراكي في الحراك بتقديم استقالاتهم؟ وهل يعد هذا المطلب ضمانة حقيقية للحراك بأن يحقق أهدافه أم أنه يدخل في سياق الابتزاز السياسي؟

– نحن في هذه المرحلة نطالب كل أعضاء الحزب الموجودين في السلطة وغيرهم من الجنوبيين أن يكون حزبهم وحزب الأحزاب هو الحراك السلمي الشعبي الجنوبي .

> قيام مجموعة مسلحة باختطاف شيولاً تابعاً لإحدى الشركات العاملة في شق طريق المفلحي أسفل وادي سنحر والاتجاه به إلى منطقة المشوشي في يوم الجمعة 22 / 1 / 2010م على الرغم من التحريم الشديد لمثل هذه الأعمال في البيان الصادر عن مشائخ يافع ألا يفسر هذا على أنه استخفاف بدور القبيلة وتراجع دورها في مبدأ النهي؟

– لقد وقعنا ميثاق شرف بين قبائل يافع وردفان حرمنا فيه عملية التقطع والاختطاف ولكن السلطة هي التي تقوم بتشجيع مثل هذه الأعمال لغرض الفتنة والتشويه والإجهاز على الحراك السلمي الجنوبي كما أن النشاز يوجد في أي  مجتمع في العالم، أما الشيول فقد عاد للعمل بجهود القبائل في يافع.

> حالة الانفلات الأمني التي تعيشها مجمل المحافظات الجنوبية بماذا تفسرها؟

السلطة هي تفتعل كل شيء في مناطق الجنوب ولكن عندما تثور الشعوب مطالبة بحقوقها لا تقدر أي قوة بالكون ردعها لأن الله معها.

> إلى أي مدى تفسر اتهام السلطة للحراك الجنوبي بالإرهاب؟ وهل يعتبر ذلك علامة عجز من السلطة على احتواء الحراك.

– صعب جداً أن تحتوي الحراك لأن الحراك هو الشعب الذي يصعب على أي سلطة احتواؤه أما الإرهاب فهو من صناعة السلطات نفسها بامتياز.

> شيخ عبد الرب النقيب ما هو أفضل عهد عايشته في الجنوب وفي ظل رئاسة من كان؟

– لقد كان أفضل عهد عايشته شخصياً هو ما بعد الاستقلال مباشرة في عهد الرئيس الراحل الشهيد البطل قحطان محمد الشعبي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته..

> ماذا تقول لكل مواطن جنوبي لا يؤمن بما تؤمنون به؟

– أقول لهم سامحكم الله وعليكم أن تعتبروا مصلحة أبناء الجنوب عامة فوق مصالحكم الشخصية لأن المصلحة العامة أبدية لكل الأجيال والمصلحة الشخصية هي آنية وضيقة وستزول بزوال الفرد.

> منذ انضمامكم إلى الحراك هل أصبحت في قائمة المطاردين والمطلوبين لدى السلطة؟

– ليس لدي علم فيما يتعلق بهذا الشأن إن كنت كذلك ولكن هل من طالب بحقه أصبح مطاردا أو مطلوبا من قبل النظام وهل سيصبح الشعب الجنوبي مطلوبا ومطاردا لأنه طالب باسترجاع حقوقه المسلوبة فلقد قاموا بإدراج اسمي ضمن القاعدة فهم يكنون لي كل العداء فلعنة الله على الكاذبين.

> ما هو موقفكم من أي تدخل عسكري أجنبي في اليمن؟

– نحن يهمنا وطننا والتدخل الأجنبي فيما إذا كان حقيقة ملموسة فهذا يرعب السلطة نفسها.

زر الذهاب إلى الأعلى